الانسان اجتماعي بالطبع ، ولا يمكن لإنسان مهما كانت منزلته ومقامه أن يستغني عن جليس يتجاذب معه الحديث ويبادله الرأي، ولكن على الإنسان أن يحسن الاختيار لمن يجالس أو يحدث
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) موصيًا أبا ذر رضي الله عنه:
"........... يا أبا ذر الجليس الصالح خير من الوحدة ، والوحدة خير من جليس السوء وإملاء الخير خير من السكوت ، والسكوت خير من إملاء الشر .........) [1]
شرح الحديث الشريف :
نستفيد من هدي هذا الحديث الشريف عدة أمور :
1- إن رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) يقول لأبي ذر (رضي الله عنه) ، يا أبا ذر إذا كان لابد لك أن تجالس أحداً ، فليكن جليسك ذلك الإنسان الصالح ، الذي يدعوك بقوله وبفعله إلى الصلاح ، لأن الإنسان يتأثر بهذا الجليس ، ويتأثر بطباعه وأخلاقه حسنة كانت أم سيئة . ولذلك نرى أن رسول الله (صلى الله عليه واله و سلم ) في حديث له يشبّه الجليس الصالح بحامل المسك [2]
و قال الإمام زين العابدين (عليه السلام) :" مجالسة الصالحين داعية إلى الصلاح[3]
2- على الإنسان أن يتجنب مجالسة ومرافقة أهل السوء ومحبي الشر ، لأنه متى ما اتخذهم أصدقاء فإنهم لن يجلبوا له إلا كل ما يضره ويفسد عليه حياته ، ولذلك نرى الأئمة المعصومين (عليهم السلام) إلى جانب حثهم لنا على مجالسة الأخيار يحذروننا أيّما تحذير من مجالسة الأشرار والفجار .
قال الإمام علي (عليه السلام) : "جليس الخير نعمة وجليس الشر نقمة[4] وقال (عليه السلام) : "جماع الشر في مقارنة قرين السوء[5] "
3 - إذا أراد المسلم أن يتكلم أو يحدّث من يجالسه ، فلينظر إلى ما يقول ، فان لم يكن كلاما طيبا ونافعا فسكوته خير من كلامه.
4 ـ إن الرسول (صلى الله عليه واله و سلم) يؤكد على أن الجليس الصالح خير من الوحدة وأن الوحدة خير من جليس السوء ، والكلام بالخير أفضل من السكوت ، والسكوت خير من كلام السوء. إلا أن الجليس الصالح يتفاوت فإن الأبرار من الصالحين أفضل من غيرهم والعلماء أفضل من الجهّال ولو كانوا أخياراً والزهاد في الدنيا خير من المقبلين عليها الراغبين فيها.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : " جالس الأبرار، فإنك إن فعلت خيراً حمدوك، وإن أخطأت لم يعنّفوك"[6].
وعنه (صلى الله عليه وآله وسلم) أيضا مخاطباً الصحابي الجليل ( عبد الله بن مسعود) [7] : " يا بن مسعود فليكن جلساؤك الأبرار وإخوانك الأتقياء والزهاد، لأن الله تعالى قال في كتابه : ( الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين) [8].
وقال أمير المؤمنين (عليه السلام) : " جالس العلماء يزدد علمك ، ويحسن أدبك، وتزكو نفسك." [9]
ما يرشد إليه الحديث الشريف:-
1. أن على الإنسان أن يجالس الصالحين من الناس ويتجنب مجالسة الأشرار؛ لئلا يتأثر بهم.
2. أن الإنسان إذا أراد أن يحدث غيره فلا يحدثه إلا بالصالح المفيد.
3. أن العزلة خير من مجالسة الأشرار، والسكوت خير من الكلام السيّء.