مما يتبادر إلى الأذهان أنّ السرقة هي اختلاس أموال الناس والاستيلاء عليها من غير وجه حق، ولكن هناك نوعاً آخر من السرقة أقبح وأشنع من سرقة المال، ألا وهي السرقة في العبادة.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لأصحابه: " ألا أدلكم على أسرق الناس؟ قالوا: بلى يا رسول الله ، قال: أمّا أسرق الناس فالذي يسرق من صلاته، فصلاته تلف كما يلف الثوب الخَلِق فيضرب بها وجهه "[31]
شرح الحديث الشريف:-
ويمكن أن نستفيد من هدي هذا الحديث عدة أمور :
1. إن الله سبحانه وتعالى جعل من الصلاة وسيلة لتطهير القلوب وسبباً لسمو النفوس، وبها ينال العباد الرضا من الله عز وجل، ولكن هناك من الناس من يجهل هذا الأمر، و لا يعتني به، فلا يقيم صلاته على وجهها الصحيح فهو يسرع فيها وينقص من أجزائها، فيفوته من أجرها وثوابها الشيء الكثير فلو تأنى قليلاً وأحضر قلبه، وترك العجلة لأدرك بذلك خير الدنيا والآخرة.
2. إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يصف من يتعجل في صلاته ولا يؤديها بالنحو الصحيح أو ينقص من حضور القلب فيها بأنه أسرق السراق. وفي هذا تنبيه لشناعة فعله وقبح ما يرتكب من جهة وما ينتظره من العقاب عند الله عز وجل من جهة أخرى لأن الصلاة عمود الدين وعلى قبولها يتوقف قبول بقية الأعمال.
وقد أكد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ذلك حيث قال: " فصلاته تلف كما يلف الثوب الخًلِق ". أي الثوب العتيق الذي لا يُرغب فيه ولا ينتفع به صاحبه.
3. على المسلم أن يعتني بصلاته ويتأنى فيها وأن يقبل عليها يقلبه وبدنه. قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : " ليس مني من استخف بالصلاة، لا يرد عليّ الحوض لا والله ". [32]
وقال الإمام علي (عليه السلام) لرجل ينقر في صلاته: " منذ كم صليت بهذه الصلاة؟ فقال له الرجل: منذ كذا وكذا، فقال: مثلك عند الله كمثل الغراب إذا ما نقر، لو متّ متّ على غير ملة أبي القاسم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، ثم قال علي (عليه السلام): إن أسرق الناس من سرق صلاته ". [33]
وقال الإمام الصادق (عليه السلام) وقد اجتمع عنده أهل بيته عند وفاته: " إن شفاعتنا لن تنال مستخفاً بالصلاة ".[34] فويل ثم ويل لذلك الإنسان الشقيّ الذي يحرم من ورود الحوض ومن شفاعة محمد وأهل بيته (عليه و عليهم أفضل الصلاة والسلام) .
ما يرشد إليه الحديث:-
1. إن السرقة من أشنع الذنوب و أقبحها وأشدها شناعة و قبحاً السرقة في الصلاة .
2. أن العجلة في الصلاة والإنقاص من أجزائها يعد سرقة فيها.
3. أن نقص الصلاة موجب لردها وعدم قبولها.
4. أن المسلم عليه أن يحذر التهاون في صلاته أشد الحذر
موضوع: السرقة في الصلاة 
الخميس يوليو 03, 2008 10:27 am